الآن يمكنكم الاستماع إلى الكتاب عبر الرابط
كيف تحيا سعيدا في كل لحظة من لحظات حياتك بالقرآن الكريم أي تحيا فرحا مرحا آمنا مطمئنا مستقرا هادئا راضيا مرضيا متفائلا مستبشرا مقداما منطلقا طموحا منظما متواضعا متعاونا متوازنا كريما عفيفا صادقا أمينا محبا لكل خير داعيا له مدافعا عنه كارها لكل شر مانعا منه ناهيا عنه مقاوما له منتظرا دائما أسعد آخرة في أعلى درجات جنات ربنا الرحيم الودود.
~~~~~
تمَّ بحمد الله وتوفيقه وتَيْسيره " التفسير السعيد للقرآن المَجيد " ، ونسأل كل مَن قرأه الدعاء لمَن جَمَعَه وكَتَبَه ونَشَرَه ، بالمغفرة والرحمة وأعلي درجات الجنات مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ، له ولوالديه وزوجته وإخوته وأبنائه وأقاربه والمسلمين والمسلمات والناس جميعا .. ومسموح بنَشْره وطَبْعه كله أو بعضه إلكترونيا أو وَرَقِيَّاً أو بأيِّ صورة ، ولمَن فَعَل ذلك أجره العظيم في دنياه وأخراه من الله تعالي الكريم الرحيم الودود.
د/عبدالله عبدالله
إنَّ القرآن الكريم سعادة.. وإنَّ الإسلام سعادة.. يقول تعالي ".. فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا.." (يونس : 58).. لأنه يُنَظّم كل شئون الحياة صغيرها وكبيرها علي أكمل وأسعد وجه، لأنه من عند الخالق الكريم العليم الحكيم الخبير المُنَزَّه عن الأخطاء والأهواء الذي يعلم خَلْقه الذين هم صَنْعَته وما يُصْلِحهم ويُكملهم ويُسعدهم، فتسعد بذلك كل لحظات حياتهم سعادة تامّة دون أيّ تعاسة، ثم يَنتظرون بكل استبشارٍ وأملٍ في آخرتهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خَطَرَ علي عقل بَشَر
ولهذا، فالقرآن، والإسلام، بكل أخلاقه وأنظمته الكاملة الشاملة للحياة كلها، ليس أبدا تقييدا لها، وإنما هو لتيسيرها وإسعادها، ولهذا فهو يَصْلُح لكل زمانٍ ومكانٍ ولكل الناس علي اختلاف ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم وعلومهم وفكرهم وبيئاتهم، بكل مُتَغَيِّراتهم، إلي يوم القيامة
إنَّ هدف "التفسير السعيد للقرآن المجيد" هو التركيز علي ذلك، ولهذا فهو تفسير لاستخلاص الأخلاق المُسْعِدَة في الدنيا ثم الآخرة، بناءً علي تفسيرات العلماء الثقات في كتب التفسير المعروفة الموثوقة، دون الدخول في تفصيلاتٍ تفسيرية أو فقهية أو لغوية أو قصصية أو غيرها كتفسيرات الأئمة الأعلام القدامى كابن كثير والقرطبي والطبري والرازي والشوكاني والبيضاوي وابن عطية وأبو السعود، وتفسيرات الأئمة الأعلام الحديثين كأبي زهرة وابن عاشور وطنطاوي والسعدي والشعراوي.
إنه يحاول هذا مع كل آية كريمة، أو مجموعة آيات مُتَقَارِبَة المعاني، حيث تدعو صراحة أو ضِمْنَاً إمَّا لفِعْل خيرٍ مَا وحبه والتمسّك والعمل به والدعوة إليه، وإمَّا لتَرْك شَرٍّ مَا وكُرْهِه والبُعْد عنه ومقاومته ومنعه، فيسعد بذلك كل مَن يعمل بها وجَعَلَها كأنه تُخَاطبه هو ذاته.. وعلي هذا، فكلّ آيةٍ حتي ولو كانت بمفردها هي ستُسعدك بنسبةٍ مَا يا مَن تقرأها لو أحسنتَ فهمها وتطبيقها عمليا في واقع حياتك
ولذا، فتفسير كل آيةٍ يبدأ بالاهتمام بالنوايا التي تُسْتَحْضَر في العقل لأنها تَنْبَنِي عليها كل الأقوال والأعمال كما نَبَّهنا رسولنا الكريم (ص) بقوله المعروف "إنما الأعمال بالنِّيَّات.."، فيُقال في بَدْء كل آية: إنك ستَسعد في حياتك كثيرا.. وستسعد في آخرتك أكثر بعظيم ثواب الله وأعلي درجات جناته إذا كنتَ مُسْتَصْحِبَاً دائما نوايا خيرٍ بعقلك في كل قولٍ وعمل.. ثم تُضاف الأخلاق التي تُسْتَفاد من تفسير الآية بعد ذلك.. ويَتِمّ هذا بصيغةٍ تُفيد أنَّ التفسير يُخاطبك أنت أيها القاريء الكريم
حتي الآيات الكريمة التي يكون ظاهرها فيه بعض الحزن، أو العقاب والعذاب للكافرين والظالمين والفاسدين ونحوهم، فهي للاعتبار وللتحذير أشدّ الحَذَر من أسباب ذلك وتَجَنّب الوقوع فيها حتي لا يتعس المسلم بسبب اتّباعه للشرّ بأيِّ درجةٍ من درجات التعاسة بل يسعد تمام السعادة لاتّباعه كلّ خير
إنه تفسير لا يُخاطِب العلماء والباحثين والمُتَخَصِّصِين، وإنما يُخاطِب عموم الناس، المسلمين منهم وحتي غير المسلمين، خاصة المُبْتَدِئين علي طريق التَّعَرُّف علي تفاصيل أخلاق الإسلام وسعاداتها، وقد يُفيد بعض الدعاة الذين يريدون الدعوة لإسلامهم بالقُدْوة والحكمة والموعظة الحسنة، ولذا فهو ما أمكن في غاية الاختصار والسهولة للعِبَارَات
إنَّ في هذا التفسير تُستخدم كلمة العقل دائما بدلا عن القلب أو النفس أو الروح لأنها كلها بمعني واحد عند كثير من العلماء وهي تُفيد العقل وقد سُمِّيَ عند العرب بالقلب لأنه يَتَقَلّب بين الفِكْر الخَيْرِيِّ والشَّرِّيِّ ولأنه هامّ جدا للحياة كأهمية القلب لحياة الإنسان
فاقرأ القرآن أيها القاريء الكريم وتَدَبَّره بكل استبشارٍ وسعادة، وكلما قرأته وتَدَبَّرْته وجدتَ خيراً جديداً بما يُناسب حالك، وقد يصحبه متعة وسعادة دموع الفرح وحب الله والحبيب الرسول الكريم (ص) والإسلام، وما قد تراه من بعض صور العقاب، والتي قد يُصاحبها أيضا بعض دموع الحزن علي الخطأ والتقصير، فسياق الآيات يدلّ علي أنها للعَاصِين البَعيدين عن ربهم وإسلامهم أو للذين لا يؤمنون به، فهي ليست لك إذَن! إلا إذا فعلتَ شيئا مثلهم، فتُبْ عنه وعُدْ للخير سريعا، لتعود لك البشارة والسعادة الكاملة
إنَّ أيَّ تفسيرٍ يَخطر بفكر المسلم يكون مَقْبُولاً ما دام لم يخرج عن حدود ما هو معروف في الإسلام، لأنَّ الآيات تحتمل أكثر من معني ومعظم كلمات اللغة العربية كذلك تحمل معاني كثيرة
إنَّ هذا الجهد هو ما فَتَحَ الله به علينا، وكلّ مَن يُحْسِن التَّدَبّر والتَّعَمّق والوَعْي والتطبيق العمليّ لكلّ آيةٍ سيَجد هو فيها قطعا من الخير والسعادة ما لم نجده نحن
نسأل الله تعالي لنا جميعا تمام السعادة في الداريْن، دار الدنيا ودار الآخرة.